تحميل كتاِب الإدارة والقضاء والجيش في مملكة بيت المقدس الصليبية 492-583ه 1099-1187م pdf رابط مباشر

تنزيل وتحميل كتاِب الإدارة والقضاء والجيش في مملكة بيت المقدس الصليبية 492-583ه 1099-1187م pdf برابط مباشر مجاناً

وصف الإدارة والقضاء والجيش في مملكة بيت المقدس الصليبية 492-583ه 1099-1187م pdf

طالب دكتوراة في قسم التاريخ جامعة تشرين اختصاص عصور وسطىرسالة ماجستير
تعدُّ الحروب الصليبية حلقة من حلقات الصراع بين الشرق والغرب في العصور الوسطى، ومحاولة من محاولات الغرب الأوربي لاستعمار الأراضي العربية الإسلامية. إذ بدأت الشرارة الأولى لاندلاع هذه الحروب باستغاثة الإمبراطور البيزنطي ألكسيوس كومنينوس الأول Alexius I Comnenus (474-512هـ/1081-1118م) بالبابوية، للوقوف معه ضد امتداد نفوذ الأتراك السلاجقة في أراضيه، فأيده البابا أوربان الثاني Urban II، الذي أعلن فكرة الحروب المقدسة ضد المسلمين في مؤتمر كليرمونت Clermont الكنسي سنة 488هـ/1095م. وقد لاقت الدعوة استجابة كبيرة من أعضاء المؤتمر، ومن الغرب الأوربي بصورة عامة، لذلك خرجت الحملة الصليبية الأولى متخذةً من الدين شعاراً لها، ومخفيةً أهدافها ومخططاتها الرامية إلى الاستيلاء على الأراضي المقدسة، واستنزاف مواردها الاقتصادية. وكانت هذه الحملة تضم حشوداً ضخمة منقسمة إلى فرقتين، أما الفرقة الأولى فقد شملت العامة والفقراء، وأما الثانية فتضمنت العناصر الصليبية المنظمة برئاسة بعض القادة الأوربيين؛ غير أن احتكاكاً قد حدث بينهم وبين الإمبراطور البيزنطي لدى وصولهم إلى عاصمته القسطنطينية، انتهى بتوقيع اتفاقية، وبعبور الجيوش الصليبية مضيق البوسفور إلى آسيا الصغرى، وبتمكّنهم من الاستيلاء على مدينة نيقية عاصمة دولة سلاجقة الروم، وهزيمة الأتراك السلاجقة واحتلال جميع الأراضي التي أُخذت من الإمبراطورية البيزنطية، وإعادتها إليها وفق اتفاقية القسطنطينية.
وقد واصلت الحملة، بعد ذلك، طريقها إلى بلاد الشام، فاستولت على مدينة الرها التي كانت تشغل مساحة من الأراضي على جانبي نهر الفرات شمال العراق، والتي أسس فيها القائد الصليبي بلدوين دي بويون Baldwin de Boulogne أول إمارة صليبية في الشرق. ثم تابع الصليبيون زحفهم باتجاه مدينة أنطاكيا، وفرضوا عليها سنة 491هـ/ 1097م حصاراً دام تسعة أشهر، انتهى باحتلالها، فأسس فيها الأمير بوهيموند النورمندي Bohemond of Normandy ثاني إمارة صليبية في الشرق. ولم يتوقف الصليبيون عند أنطاكيا، بل تابعوا المسير باتجاه مدينة القدس، التي كان احتلالها هو الهدف الرئيسُ من الحملة الصليبية الأولى. لكن في الوقت الذي كانت تجري فيه هذه التطورات في الشمال، استغل وزير الخليفة الفاطمي (المستعلي)، الأفضلُ بنُ بدر الجمالي، انشغال السلاجقة في رفع الحصار عن أنطاكيا، وقام بالاستيلاء على مدينة القدس وعلى أراضي فلسطين كافة، التي كانت تحت نفوذ السلاجقة أنفسهم، ثم ما لبث أن عيّن الوزيرُ الأفضلُ الأميرَ افتخارَ الدولةِ والياً عليها، الذي وقع على عاتقه مهمة الدفاع عن مدينة القدس في مواجهة الصليبيين الذين وصلوا إليها، ففرضوا حصاراً عليها سنة 493هـ/1099م.
وقد تركز القسم الأكبر من الجيش الصليبي في الجهة الغربية من مدينة القدس، برئاسة مجموعة من القادة الصليبيين أبرزهم تانكرد Tancred وغودفري دي بويون Godefroi de Bouillon وأخيه يوستاس Eustace وغيرهم، ولدى إدراك هؤلاء أن وعورة الأراضي في هذه الجهة لن تمكّنهم من قيادة حصارٍ مؤثرٍ في المدينة، انتقلوا إلى الجهة الشمالية منها، حيث تساعد الطبيعة الجغرافية للمنطقة هناك على سهولة الحركة، واستعمال آلات الحصار الكبيرة. في الوقت الذي قاد فيه الأمير ريموند الصنجيلي Raymond de Saint-Gilles، الحصار من الجهة الجنوبية المقابلة لقلعة المدينة (برج داود)، حيث كانت تتمركز الحامية الفاطمية.
دام حصار الصليبيين لمدينة القدس ما يُقارب الأربعين يوماً، استعمل المهاجمون خلالها مختلف أنواع أسلحة الحصار التي كانت بحوزتهم، أو تلك التي تمكّنوا من بنائها بمساعدة البحارة الجنويين الذين انضموا إلى معسكر غودفري. وفي يوم الجمعة 15 تموز سنة 493هـ/1099م، تمكّن غودفري ومَن معه من تسلق السور الشمالي للمدينة باستخدام الأبراج الخشبية، وما كان من المدافعين إلا الهروب إلى داخل المدينة، فاندفع الصليبيون خلفهم، وتبع ذلك مذبحة لم تشهد المدينة لها مثيلاً في تاريخها الطويل، إذ قام الصليبيون بقتل كل مَن وجدوه في طريقهم من أهلها، من الرجال والنساء والأطفال، ولم يَسلم من سكان المدينة الذين قُدّرت أعدادُهم وقتَ الحصار بين ستين وسبعين ألف شخص، ما عدا أعداد قليلة ممن لجؤوا إلى برج داود، حيث كانت الحامية الفاطمية متمركزة بقيادة الوالي الفاطمي افتخار الدولة، الذي عقد اتفاقاً مع ريموند الصنجيلي، وبموجب هذا الاتفاق سلّم الوالي البرج إلى الأمير ريموند، مقابل السماح له، ولمن معه، بمغادرة المدينة آمنين.
وهكذا تمّ احتلالُ مدينة القدس، فتحققت بذلك أهداف الحملة الصليبية الأولى بتأسيس كيان صليبي ثالث في الشرق، مركزه مدينة القدس، وقد قُدّر لهذه الكيانات الثلاثة، فضلاً عن كيان رابع أُقيم في مدينة طرابلس بعد احتلالها سنة 503هـ/1109م، البقاء في الشرق لما يُقارب القرنين من الزمن. وفي الواقع لم يكن لدى الصليبيين قبل الاستيلاء على مدينة القدس، وارتكابهم مجزرة مروّعة بحق أهلها الآمنين، واستيطانهم في الشرق، أية أفكار مسبقة عن شكل الحكومة، والتنظيم الإداري، والقضائي الذي سيتم العمل به في الأراضي المحتلة، الأمر الذي أفضى إلى حدوث نزاع حول تلك القضايا بعد احتلال مدينة القدس بين فئة العلمانيين المتمثلة بقادة الحملة الصليبية الأولى، الذين تمكّنوا بجهودهم وسيوفهم من تحقيق النصر الذي أوصلهم إلى هذه المرحلة، وبين رجال الدين الذين حلموا بقيام دولة دينية ثيوقراطية تحكمها شخصية دينية في الأراضي المقدسة.
وانطلاقاً من ذلك وقع الاختيار على الجوانب المتعلقة بالإدارة والقضاء في مملكة بيت المقدس الصليبية، بغية تسليط الضوء على نظام الحكم والإدارة الذي اتبعه الصليبيون في مملكتهم، والنتائج التي تمخّضت عن النزاع بين العلمانيين ورجال الدين، والتوسع في دراسة النظام القضائي والتطور الذي حلّ بمؤسساته مع الزمن. كما تطرق البحث إلى الحديث عن جيش هذه المملكة، الذي هو السبب الرئيس لوجودها وتوسعها والدفاع عنها. لذلك جاءت هذه الدراسة تحت عنوان “الإدارة والقضاء والجيش في مملكة بيت المقدس الصليبية493-583هـ/1099-1187م”، أي منذ احتلال الصليبيين مدينة القدس حتى سنة 583هـ/1187م، وهي السنة التي تمكّن فيها المسلمون بقيادة صلاح الدين الأيوبي، من تحريرها بعد معركة حطين، وتقليص مساحة المملكة، لتقتصر على المدن الساحلية في بلاد الشام، بعد أن كانت تمتد في أقصى اتساع لها لتشمل حدودها ما يُقارب في العصر الحديث جميع أراضي فلسطين ولبنان، مع أجزاء من الأردن وسوريا وسيناء.
ونظراً لما تركته الحروب الصليبية من آثار مختلفة في تاريخ كثير من الأمم، وما ترتب عليها من نتائج مهمة، جرى الاهتمام بها من قبل المؤرخين في الشرق والغرب على حد سواء، لهذا فقد ظهرت مؤلفات كثيرة تناولت تاريخ الحروب الصليبية بالدراسة، وعالجت الحملات الصليبية على الشرق، وأفاضت في الحديث عن الصليبيين، بيد أن هذه الدراسات تميزت لدى حديثها حول الإدارة والقضاء والجيش في مملكة بيت المقدس الصليبية، بالاختصار وبسرعة عرض المعلومات وتشابهها، وإغفالها لكثيراً من النقاط المهمة، لذلك جاءت هذه الدراسة محاولة متواضعة للمساهمة في تعويض النقص، ونقل ما أمكن جمعه من معلومات من المصادر والمراجع العربية والأجنبية، لعلي أوفق في توضيح هذه الجوانب، التي تُعد جزءاً رئيساً من موضوع دراسة الاستيطان الصليبي في المشرق العربي الإسلامي.
وقد واجهت البحث جملة من المعوقات كان أبرزها، اهتمام مصادر الحروب الصليبية بالجانبين السياسي والعسكري، وبتسجيل أحداث المعارك والحروب وتاريخها، وأسماء القادة والسلاطين والملوك، وعدد القتلى والجرحى وما إلى ذلك، دون التفصيل، إلا فيما نذر، في الأوضاع الداخلية للإمارات الصليبية في الشرق، وطريقة عمل مؤسساتها الاجتماعية أو الاقتصادية أو الإدارية، أو أسلوب عمل النظام القضائي فيها، هذا تطلب بدوره جهداً مضاعفاً للبحث والتنقيب في مصادر الحروب الصليبية، بغية الوصول إلى ما كُتب عن هذه الجوانب في صفحات متناثرة هنا وهناك. كما ترتب على هذا الأمر أيضاً، اعتماد البحث على مصادر ومراجع أجنبية عديدة، وكان فيها من الصعوبة ما اشتمل على ترجمة المعاني والمصطلحات الأجنبية، ونقل القديم منها والحديث إلى اللغة العربية، فضلاً عن تعذر نجاح عملية ترجمة بعض المصادر، كونها كُتبت باللغة اللاتينية، أو باللغة الفرنسية القديمة.
أما المنهج المتبع في الدراسة، فهو المنهج الوثائقي السردي، والوصفي التحليلي، إذ اعتمدت الدراسة جمع المادة العلمية من المصادر والمراجع الأجنبية والعربية، وتحليلها والمقارنة بينها وتوظيفها في المكان المناسب، كذلك تم تزويد البحث بملاحق تضمنت أسماء ملوك المملكة وبطاركتها، وفترة استلامهم للسلطة، ونصوص بعض القوانين المتخذة في المملكة، وقراراتها خلال القرن السادس الهجري/الثاني عشر الميلادي، كما تم إرفاق بعض الخرائط التي تفيد في التعرف على التقسيمات الإدارية في المملكة، ومواقع المدن والقلاع الصليبية، فضلاً عن العديد من الأشكال التوضيحية لجنود الجيش الصليبي وفرسانه، وملابسه وأسلحته، ومخطط بناء بعض القلاع والمدن الصليبية المرتبطة بالبحث.
وقد قُسّم البحث إلى مقدمة، وأربعة فصول، وخاتمة، أما المقدمة، فتعرض أهمية البحث وخطواته، والمنهج المتبع في الدراسة، بينما حمل الفصل الأول عنوان: “النظام السياسي في مملكة بيت المقدس الصليبية”، بدأ بتمهيد تناول شكل النظام الذي اتخذه الصليبيون في الشرق أداة للحكم، كما عرض لدستور مملكة بيت المقدس الصليبية وبدايات تشكله. ومن ثم تم الحديث في هذا الفصل عن أهم شخصيتين في المملكة الصليبية وأكبرهما، هما الملك ممثّل أعلى سلطة زمنية، والبطريرك ممثل أعلى سلطة روحية فيها، وقد تم التطرق هنا إلى تطور علاقة هاتين السلطتين بعضهما ببعض، وصلاحيات كل منهما وواجباته، والأسلوب المتبع في وصولهما إلى السلطة.
ويُمكن عدّ الفصل الأول مدخلاً للفصل الثاني، الذي جاء بعنوان: “الإدارة في مملكة بيت المقدس الصليبية”، وقد بيّنت الدراسة في هذا الفصل أهم الأعمال الإدارية التي قام بها الملوك الأوائل في المملكة، وتتبعت عملية تطور النظام الإقطاعي عند الصليبيين في الشرق وتبلورها، وعلاقة الملك بأتباعه، وما قاموا به من تقسيمات للأراضي على أساس هذا النظام. كما تطرق هذا الفصل إلى اختصاص الموظفين الإداريين وعملهم، ممن ساعدوا الملك في إدارة شؤون المملكة، ثم تم البحث في إدارة المؤسسات الملحقة بمملكة بيت المقدس الصليبية، التي لم يكن للحكومة الصليبية سلطة عُليا فيها، وهي الأحياء التجارية الإيطالية، ومنظمات الهيئات الدينية العسكرية اللتين كانتا بمنزلة دولة داخل دولة في المملكة. فضلاً عن النظام الإداري المتبع في بلاد المناصفات، وهي المناطق الحدودية التي لم يتمكّن كل من الصليبيين والمسلمين من فرض سيطرتهم التامة عليها، لذلك جرى تطبيق نظام إداري فريد من نوعه فيها، يكون تحت إدارة صليبية ــــ إسلامية، وذلك من أجل تحقيق إفادة قصوى من مقدّرات هذه البلاد لكلا الطرفين. وفي النهاية عرض هذا الفصل أحوال أهالي البلاد الأصليين في ظل الإدارة الصليبية.
وقد افتُتِح الفصل الثالث الذي حمل عنوان: “القضاء في مملكة بيت المقدس الصليبية”، بتمهيد حول السمات الأساسية للنظام القضائي في المملكة، والمبدأ المتبع من قبل الصليبيين في هذا النظام، والوضع القانوني للمحاكم الصليبية وإجراءات وأساليب وألية الحكم على القضايا، وإبراز دور المحامين والشهود أمام قضاة المحاكم، ثم بعد ذلك كان لابد من البحث في أنواع المحاكم واختلاف تخصصها وتطور صلاحياتها وسلطاتها عبر الزمن، وفي نهاية هذا الفصل تم تقديم عدّة أمثلة لأساليب الحكم على القضايا في المملكة، وذلك بهدف تكوين صورة أوضح عن القضاء في مملكة بيت المقدس الصليبية.
أما الفصل الرابع والأخير المحدد بالعنوان: “الجيش في مملكة بيت المقدس الصليبية”، فقد اشتمل، كذلك الأمر، على تمهيد سلّط الضوء على سمات الحرب عند الصليبيين، والأسلوب المتبع لديهم في خوض المعارك، كمدخل للبحث في المؤسسة العسكرية الصليبية ودعائمها الأساسية المتمثلة بالتحصينات والقلاع وقوات الجيش، والعوامل التي ساعدت هذه المؤسسة في البقاء متماسكة طوال هذه المدة من عمر المملكة، ثم بعد ذلك تم التحقيق في أهم نقاط الضعف التي أثّرت سلباً في القدرة القتالية للجيش الصليبي في الشرق، وبعدها خلص البحث إلى خاتمة، تكشف ما تم التوصل إليه، وتجلو أهم النتائج المستخلصة.

قراءة وتنزيل الإدارة والقضاء والجيش في مملكة بيت المقدس الصليبية 492-583ه 1099-1187م pdf من موقع مكتبه إستفادة.